السعادة في ملعقة زيت.. قصة الحكيم والشاب المتمرد.. من أجمل قصص القناعة | قصص عربية فيديو
السعادة – يُحكى أن تاجراً بدوياً كان لديه إبن يشكو من التعاسة، ويتذمر من حاله، وأراد والده أن يُعلمهُ درساً لا ينساه
في معنى السعادة والرضى بما قسمهُ الله له، فأرسل التاجر ابنه إلى أحد أكثر الحكماء شهرة في ذلك الزمان.
وكان هذا الحكيم، صديقاً للتاجر البدوي، وبينما الابن الشاب في طريق سفره إلى الحكيم،
كان يُحدثُ نفسه بأن هذا الرجل، ما هو إلا عجوزاً فقيراً، بالكاد يجد قوت يومه، ويعيش في منزلاً قديم ومتهالك.
لكن حين وصل الشاب، كانت صدمته كبيرة، حين وجد هذا الرجل الحكيم، يعيش في قصراً فخماً وعظيماً،
تحيط به الحدائق الممتلئة بأشجار الفاكهة من كل جانب، ويقف الحراس على بابه، انفرجت أسارير الشاب،
ثم قال في نفسه، يبدو أن هذا الرجل حكيماً فعلاً، طالما أنه ثري ويمتلك كل هذا المال، دخل الشاب على الحكيم
وقال له: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. أنا شاب أرهقته الحياة، وأرسلني والدي لك كي تخبرني عن سر السعادة في الحياة وتعطيني النصيحة؟
فرد الحكيم: إن والدك صديقي، وهو رجل صالح، ولكني أعذرني، ليس لدي وقت الآن كي أخبرك عن مسألتك، أو أعطيك النصيحة.
ولكن يمكنك الانتظار بعض الوقت في حديقة القصر، وسوف ينادي عليك أحد الحراس، ولكن دعني أختبر صبرك،
بأن تمسك هذه الملعقة الممتلئة بالزيت بين أصابع يدك، وتتجول في ممرات الحديقة الأربع، ثم ترجع لي بهذه الملعقة كما هي قبل،
واحرص على ألا تسقط منها نقطة زيت واحدة. خرج الشاب ممسكاً بالملعقة، وطاف بكل ممرات القصر، ثم رجع إلى مجلس الحكيم.
سر السعادة الحقيقية
فسأل الرجل الشاب: هل رأيت حديقة القصر؟ كم هي جميلة ومليئة بالفواكه والورود؟ فقال الشاب: لا ياسيدي!
فسأله الحكيم: هل شاهدت مكتبة القصر وما فيها من كتب قيمة؟ فرد الشاب: لا ياسيدي!
فقال الحكيم: لابد وأنك قد انشغلت بمشاهدة التحف المتناثرة بنواحي القصر. فأجاب الشاب:لا ياسيدي، أنا لم أتمكن من رؤية كل هذا.
فسأله الحكيم: لماذا؟ فرد الشاب: لأنني لم أرفع عيناي عن ملعقة الزيت خشية أن يسقط مني.. فلم أرى شيءً مما حولي بالقصر!
فقال له الحكيم: إذا، إرجع وشاهد كل ما أخبرتك عنه وعد إليّ أنا في انتظارك.. فخرج الشاب وأخذ يتجول في القصر والحديقة،
وشاهد كل ما كان يتمنى مشاهدته، ثم رجع إلي مجلس الرجل. فسأله الرجل: قل لي ماذا رأيت هذه المرة؟
فأخذ الشاب يروي ما شاهده من حدائق وفاكهة جميلة، وتحف ثمينة، وهو منبهر وسعيد.
ثم نظر الحكيم إلى ملعقة الزيت بيد الشاب فوجد أن الزيت سقط منها.. فقال له: أُنظر يا بُني إلى المعلقة التي في يدك، ستجدها فارغة،
وهذا هو سر السعادة في الدنيا، فنحن نعيش هذه الحياة.. ونحن محاطين بالكثير من النعمِ، والأشياء الجميلة. ولكننا نغفل عنها،
ولا نراها ولا نقدر وجودها في حياتنا، لأننا إنشغلنا عنها بهمومنا وصغائر الأمور في هذه الحياة، السعادة يا بني أن تقدر النعم وتسعَد بها،
وتحرص على أن تنسى ما ألم بك من هموم و مشاكل، أنت في المرة الأولى، انشغلت بالنظر إلى ملعقة زيت، لا تسمن ولا تغني من جوع،
ولذلك لم ترى كل ما حولك في القصر من خير ونعم، وحين إلتفت للنعم من حولك، سقط الزيت من يدك.
شاهد المزيد.. قصة البقرة الثمينة مع الشيخ كرم والفلاح الفقير | قصص عربية فيديو